عام من التدوين

صورتي الشخصية

صورتي الشخصية

هي تلك الأيام ، تمضي مثل الشّهب ، ترى لها وميض ، ولا تشعر به ، وما يُجمّل الأيام إلا مثلكم زواري الكرام فلكم وقفة احترام وتقدير سادلاً يدي وبابتسامة أقول لكم كل عام تدويني وأنتم بخير ، وبالمناسبة هذه اخترت لكم أن اسرُد لكم قصتي مع أوراق بعثرها الزمن ونظمها الأمل

فقد نشأت في أحضان الوالد والوالدة حفظهم الله ، وأخ لثلاثة اخوان ذكور هم سندي في هذه الحياة ، ولي أختين أحبهم كثير ، ومن مواليد 1394ه ، وكانت ولادتي بقريتي الحبيبة بالمنطقة الجنوبية من المملكة السعودية وتسمى ” قرية الشُعبة ” وهي إحدى قرى مدينة بلجرشي القريبة لمدينة الباحة ،، أُعجبت بحياة القرى والبساطة التي يعيش الناس كبار وصغار فيها ،، و هنا تحدثني والدتي حفظها الله بأنه بعد ولادتي بفترة تقارب السنة ، توفي الملك فيصل رحمة الله عليه وكان ملك المملكة السعودية آنا ذاك ، وانتشر الخبر ولقلة وسائل الاعلام وضعفها ، توافد الكثير من اقاربنا وجماعتنا القريب والبعيد منهم لمنزلنا ، للعزاء فيني معتقدين بأن فيصل الذي مات هو أنا وليس الملك فيصل رحمه الله ، وتفاجئوا فرحين لسلامتي ، مما جعل هذا الخبر يخفف على الناس من صدمة خبر موت الملك فيصل رحمه الله ،، لم أكن أعاني من إعاقة بصرية ،، بل كان عندي ضعف بسيط في الإبصار ،، أجهله وكل من حولي يجهلونه لكونه كان بسيط جداً ويعاز للأشياء التي لا اراها بأني لا أُركز في النظر ،، كنت اعتقد أن كل الناس يرون مثلي وأن هذا هو المدى الاقصى في قوة النظر أو البصر ،، أيقنت أن مشكلتي هي عدم التركيز فبدءت أُنمي هذا الجانب وهو قوة التركيز عندي دون دراية مني لصغر سني ،، مشي الحال وانتقلنا إلى مدينة الطائف لظروف عمل الوالد ،، ودرست في مدرسة عروة ابن مسعود الابتدائية ثم انتقلت إلى مدرسة صقر الجزيرة الابتدائية ثم متوسطة اليرموك ثم ثنوية عكاظ ، ومكثت في الطائف حتى الثاني ثانوي وتعتبر الطائف مصيِف جميل ورائع ،، سبحان الله كنت أذهب للمدارس مشي على الأقدام بمفردي أُبصر طريقي ، لم أكن أحب المدرسة كثير ، وكان يمر علي أوقات أحس بكتمة في صدري ، وأوقات يصيبني نوبة سعال شديدة حتى يَخرج الدم من فمي ، وفي الصف الثاني إبتدائي ، تغيبت عن المدرسة لكون لِبسي الرياضي المحبوب عندي ، لم يكن جاهز فرفضت الذهاب للمدرسة ولكوني المدلل في العائلة لم يعارضني أحد ، و القَدَر حان ، ففي ذلك اليوم نزلّت أمام المنزل للعب ، وحينما عُدت إلى المنزل صابتني نوبة السعال التي كنت أعاني منها من زمن دون أن اشكي لأحد ، رأتني أمي حفظها ربي ، تفاجأت وخافت كثير علي خصوصاً حينما رأت الدم يَخرج من فمي مع السعال ، كان والدي حفظه الله في بِعثة للسويد من قبل عملُّة ، أخذَتني والدتي إلى المستشفى ، تم الفحص الدقيق الطويل الشامل ، قرر الطبيب بعد عجزُة لتشخيص الحالة الغريبة التي لم تمر عليه في حياته هو وكل طاقم المستشفى فقد اجتمعوا جميعاً ولم يستطيعوا معرفة مرضي ولا تشخيصة ، أرسلوني إلى مستشفى الهَدا وهو من أحدث المستشفيات في المملكة في ذلك الوقت ويكمن موقعة في مدينة الطائف ، وذهبنا لمستشفى الهَدا وتجمع جميع الأطباء مكتوفين الأيدي أمام ما رأوه في الاشعة من وجود زيادة خلقية وليست ورم ، ليمونية الشكل تغطي طرف من القلب غير ملتصقة به ، والغريب أنها تكْبُر مع الجسم وكأنها عضو من أعضاء الجسم ، تقوم هذه الزيادة بالحد من نبضات القلب وسرعتة ، قرروا الأطباء جميعاً ضرورة سفري للخارج لعجزهم ، علماً بأنهم كانوا أطباء وممرضين من أوروبا تابعين لشركة أوروبية تقوم بتشغيل كامل المستشفى ، أرسلوا التقارير إلى أشهر جرّاح قلب في العالم آنا ذاك ، وصادف أنه يقوم بجَولة طبية على الشرق الاوسط ، وكانت للسعودية محطة في جولتة وحينما قرأ وشاهد الأشعة المرسلة له ، عجل في إجراءات السفر الخاصة بدخولة للسعودية ، وحينما وصل وتم له الكشف علي بنفسة والطاقم الذي معه ، تقرر القيام بالعملية ، حينها قد كان الوالد في الوصول من السويد بسبب مرضي هذا وقطع موضوع الإبتعاث ، وهذه إحدى تضحيات الوالدين التي لا تُنسى الله يحفظهم ، دخلت غرفة العمليات مَنظَر يرافقني ولم انساة حتى الآن ، سرير أخضر ومقصات ومعدات طبية مصفوفة بجانب السرير ، والإضاءة من أعلى ، عدد سبعة كَشافات إحداها كان في الوسط والباقي بشكل دائري ، رائحة التعقيم و البنج في غرفة العمليات كأني أشمها الآن ، نظراتهم كالحلم أراها ، لِبسهم مخيف وكَمامات تثير الخوف ، أستمرت العملية ثمانية ساعات ونصف ساعة متواصلة ، انتهت بثمانية وثلاثين غُرزة في ظهري ” مقابل القلب من الخلف ” ، تم إستأصال هذه الزيادة الخلقية الليمونية الشكل من على القلب ، وتم إرسالها لمركز أبحاث ، ولم تكون حالة سرطانية ولله الحمد ، تنومت أكثر من شهرين في المستشفى ، ثم خرجت بالسلامة ، ولله الحمد لم اشكي من هذا الأمر حتى الآن ، عند الكشف السابق لي ، تم للأطباء اكتشاف مشكِلتي ومرضي في العيون بأني أعاني من ” التهاب الشبكية الصبغي ” ، أستمرت حياتي طبيعية وبدأ بصري يتوالى في النقص والنزول وتصعب عندي الرؤية ، استعنت بالنظارة ، وفي المرحلة المتوسطة كنت أعاني من الدروس التي فيها قراءة ، أكملت المرحلة المتوسطة ، ثم تخصصت ثنوي علمي لأني كنت وما زلت أحب الفهم ولا أميل للحفظ ، وجدت نفسي مسئول عن أسرتي في ظل ظروف عمل والدي حفظه الله ، وسفر أخواني الأثنين الكبار إحداهم إلى الكلية العسكرية بالمنطقة الشرقية والآخر إلى امريكا مبتعث من الخطوط الجوية السعودية ، زرَع الوالد ووالدتي فيني الاعتماد على النفس ومواجهة مشاكل الحياة وإسناد المسئوليات الكبيرة في سن صغير ، رغم ضعف البصر ، هذه الأمور صقلَت شخصيتي وجعلها جادة إلى حد ما ، ولها تأثير إجابي في حياتي أستفدت منها كثير فيما بعد عندما أصبحت معاق بصري ، وهذا فضل الوالد والوالدة رَعاهم الله ، كانت تمر علي أوقات توقفت عن سِواقة السيارة في وقت المغرب ، وخففتها في الليل ، بصراحة كنت اكابر كثير وأغامر وحينما يطلب مني مشوار في هذه الأوقات كنت اجازف وأذهب للمشوار وخصوصاً لو كان للوالدة ، ثم انتقلت إلى مدينة جدة مع عائلتي ، وذلك لتنوع الخيارات من المعاهد والكليات ووجود الجامعة في هذه المدينة ،
أكملت الصف الثالث ثانوي في مدينة جدة بمدرسة دار العلوم الأهلية كانت سنة أشبة بمسرحية مدرسة المشاغبين ، تخرجت من الثانوية ، وكان خيار الجامعة صعب لي لعدم ثقافة المجتمع التعليمي والانظمة بحالتي التي كنت فيها فأنا لست مبصر ولا معاق بصري ، فالاجهزة التي تقيس مستوى البصر يقيسها ويحسبها بطريقة حسابية ، وليس طبيعية ، ناهيك عن قياس هذا الجهاز للمريض في بيئة ضوئية وحدة بعكس ما نعيشة من تعدد البيئات الضوئية ، كنت ارغب الجواز فقررت أُقصر الطريق بجانب العقبات التي يمكن أن تواجهني في طول المشوار ، التحقت بمعهد الإدارة العامة بجدة ، تخصص دراسات مالية ، لم يكن هناك خيارات كثيرة في التخصصات وهذا التخصص كان أفضلها في ذاك الوقت ، كنت أحضُر المحاضرات وانا لا أرى السبورة ، حتى في المرحلة الثانوية كنت أعاني كثير من هذا الأمر ، ” دبلوم عالي في الدراسات المالية ” بتوفيق ربي ثم دعاء ورضاء والدي ووالدتي ثم جهدي واسراري على الوصول للهدف ، وذلك بدون رؤية السبورة ،
بعد التخرج وحصولي على الدبلوم ، التحقت بشركة الدهلَوي وهي وكيلة لشركة الاجهزة الكهربائية ناشيونال وباناسونيك ، عملت فيها كمراقب مالي كنت أواجه صعوبة كبيرة أستخدمت مكبرات مجهرية صغيرة ترافقني أشتريتها من مكتبة جرير ، لم يكن الدخل مناسب لفتح بيت وزواج ، بحثت عن بديل والتحقت بشركة مجموعة عبداللطيف جميل وكيل شركة تويوتا للسيارات ، كان هنا العمل مناسب كنت متابع مالي بمعنى أذهب للحقوق المدنية وارفع شكاوي للذين يتأخرون في الأقصاد للسيارات ، ثم وبعد تفكير عميق وجدت أن العمل لفترتين صباح ومساء مرهق لي ويقتل اليوم كله ، بحثت عن البديل وانا في رأس العمل علماً بأني كنت مرشح لادارة فرع من فروع الشركة وخصوصاً لتوجه الشركة بالسعودة ، التحقت بوزارة الدفاع والطيران على وظيفة منسق تدريب على نظام ” التدريب على رأس العمل ” ، أستطعت وفي وقت قصير أن أحقق نجاح لحبي لهذا المجال ، استمريت قرابة اثنى عشر سنة كمنسق تدريب ، وقبل سنتين وبسبب تنظيم على مستوى عالي ، نتجت عنها تنقلات عامة ونقلي إلى وظيفة اخصائي موارد بشرية ، وأنا على رأس العمل حتى الآن ولله الحمد ، بعد ما تم لي تجميع المَهر للزواج ، أكمل الوالد باقي مصاريف الزواج ، لم اعتقد أني في يوم راح أصبح عاجز عن الرأيه أو قيادة السيارة أو عاجز عن السير بمفردي أبداً أبداً أبداً ، علماً بأن نظري كان في تناقص مستمر لكن اعتقدت أنه سوف يتوقف خصوصاً بعد عمل عملية في المستشفى العائم ” السفينة الروسية فلوكس ” وذلك بدولة الامارات العربية المتحدة ، تزوجت في يوم 13/3/1420 هـ ، من أجمل أيام عمري خصوصاً أنني عشت سبعة سنين بعد تخرجي للوصول لهذا الهدف ، حياتي غلبتها الجدية وكانت عامرة بالمسئوليات العديدة سلمت زمام الأمور لأخي الصغير ، ولزم الأمر أن اخطوا هذه الخطوه ، أحب أوزن الأمور بموازينها ، ثم تقديرها واتخاذ القرار بدون تردد وفي وقت قصير ، هذه إجراءات يجب على كل إنسان يعود نفسة على عملها لأنها تختصر له أمور وتجنبه عن أمور والمهم هو مدة الوقت في اتخاذ القرار ، تم تأثيث البيت من ذوقي وكان يثير اعجاب الجميع ، صَممت شريط الزفة ، وضعت قصيدة من تأليفي مجرد محاولة شعرية ولكن قصدت التميز في موضوع الزفة بكون صوتي وشعري في بداية الزفة ، وكان هذا مطلعها :
طال الصبر يا نظر العيون ولهان ،،
محبوبك اليوم ماحد يلومة ،،
متغير اللون مرتعش حيران ،،
والصحيح أنه بالحيل فرحان ،،
السعادة في قربك والأهل والأخوان ،،
يسألوني ليه أنا في قربك عطشان ،،
كنت مقتنع بأنه شعر في ذاك الوقت ، لكن الحين أكتبه وأقوله حتى أضحك وأحاول أعيش تلك الفترة وبصراحة ما فيه صور شعرية كأنه سواليف ، وكويس ما كان في ذاك الوقت برنامج شاعر المليون ، كنت تهورت واشتركت ،، المهم مشي على الجميع وأولهم زوجتي ، لكن والله الكل اعجبهم الشعر والزفة ، بدأ البصر ينقص بسرعة ، كنت أقود السيارة وزوجتي تدلني على الطريق وانا بس اطبق كلامها و ألُف يمين ويسار بحسب تعليماتها ، ما كنت أشوف الطريق زين وخصوصاً في الليل ، مغامرات لا اعتقد أني اعيدها ، وقد سألتها قبل كتابتي لهذه الورقة هل نعيد تلك المغامرات الحين ، طبعاً قالت وبصوت عالي ” لا ” ، أستمرت المغامرات شهر كامل شهر العسل ، ثم حضر سائقي الذي كنت قد قدمت عليه قبل الزواج بشهرين ، لكوني لاحظت البصر ينقص بشكل سريع ، هنا أسمحوا لي أتخطى فترة من حياتي لا اريد حتى أن اتذكر ثانية فيها ، تجاوزت هذه الفترة بقدرة الله تعالى ، ومساعدة زوجتي الغالية ، ففي هذه الفترة أنتقلت لحياة الإعاقة ومرحلة جديدة وغريبة ولا اعرف عنها أي شئ ، تكفلت زوجتي بمعاناتي ، وكفكفت دموعها بيدها ، وكتمت في ضلوعها معاناتها ، وقدمت لي قلبها وعقلها ، وكانت تمسح الدموع من على أهدابي ، مرت الأيام ، ورزقني ربي بابني الوليد في عام 1421ه ، فرحت كثير بسلامة زوجتي والمولود ، واتذكر هنا بعد سماع الخبر بخروج الطبيبة لتبليغنا بالمولود ، قمت بالأذان في أذن والإقامة في أذنه الأخرى ، والدتي بعد تقريباً ثلاثة أسابيع تسألني عن مدى رؤيتي للمولود جاوبت عليها بسرعة حتى لا أوجعها بأنني لا اراة ولا أعرف كيف ملامحة ، ولكن دموعها كانت أسرع مني ، لا أخفى عليكم بقدر ما كنت فرِح بالمولود ، بقدر ما كنت اتألم حينما يبدأ الجميع بقولهم أنه يشبه جدة أو خالة مثلاً ومن داخلي نار تُشعل شوقاً لرؤيته من جهة وألم في أملي بأن يكفّوا عن الكلام والوصف ، بدأت الأمور تأخذ مجراها الطبيعي بالتدرج ، بعد فترة قصيرة من دخول الوليد لحياتنا ، وبدعم مادي ومعنوي من زوجتي الفاضلة ، فتحت مشروع ” مركز الوليد للحاسبات ” يوجد فيه بيع أجهزة وإكسسوارات وصيانة الحاسب الآلي وكان شراكة مع أخو صديقي ، زوجتي كان لها هدف في مثل هذا التوجه ، وهو إنشغالي عن التفكير بإعاقتي وقتل وقت الفراغ ، فكنت وما زلت على رأس العمل آنا ذاك ، وزوجتي معلمة إعاقة سمعية ، وافخر بها دائماً ماشاء الله عليها ، كنت أدير المحل ومحافظ على عملي كل ذلك بتوفيق رب العالمين ورضاء والدين علي إنشاء الله ، ودعم ووقوف زوجتي الفاضلة ، بعد فترة تقارب الثلاث سنوات علماً بأن المحل كان لا يَخسر ، لكن صارت مشاكل مع شريكي ، بسبب فرق السن ورؤية الأمور تفرق عندي وعندة ، أخترت أن أكسب صديقي وأخسر المحل تنازلت له بالمحل رضاء لصديقي لكون الصداقة لا تقدر بثمن ، لم أخسر أحد من أصدقاءي بسبب إعاقتي ويعود الفضل لكونهم من معدن أصيل ، ومشواري مع التقنية بدأ من الصف السادس إبتدائي فكانت هدية نجاحي من الوالد جهاز كمبيوتر ” صخر ” وكتاب لغة البرمجة ” بيسك ” ، كان يُحمسني ويقول لا تجعل الكمبيوتر زي لعبة ” الاتاري ” وهو جهاز خاص للعب للأطفال زي سوني ” بلايستيشن ” ، وبعد تخرجي من المتوسطة اشترى لي طابعة بصراحة هو اللي رغبني في هذه التقنية ، وبعد دخولي للدبلوم كان لأخي الكبير حفظه الله الدور الكبير والفضل له فقط أشترى لي جهاز كمبيوتر وكانت اسعارة مرتفعة جداً ، وأول يوم أستخدمتة عملت فورمات لـ القرص المحلي C ، كان يحمل ويندوز 3 بلص القدييييييم ، طبعاً خجلت من أخي وكلمت أبن عمي الكبير وشرحت له الوضع بحكم أنه كان معنا عند الشراء ، تفاجأت من ردة فعلة الله يحفظه ، على طول جاني وأخذ الجهاز معاة ، واستبدلة بجهاز آخر متطور شوي عن الذي كان عندي ، وبعد فترة قام نفس أبن عمي بإعطائي طابعة ملونة كنت فرحان فيها كثير الله يحفظهم ، كان لي طقوس في استعمال الكمبيوتر لازم أُقرّب من الشاشة كثير لدرجة أني أحسس بحرارة الشاشة ، وأكبّر الحروف ، كانت عملية مزعجة كثير ، المهم بعد تخرجي من الدبلوم بعت جهاز الكمبيوتر وكل مستلزماته وقررت البعد عنه للحفاظ على ما تبقى من نظري ، مع تعلق قلبي به .
أعود وأكمل حديثي ..
ففي يوم من الأيام وبعد مولودي الثاني محمد رعاهم الله جميعاً ، كنت بالسيارة مع سائقي وأسمع في إذاعة MBC FM رجل يتحدث عن شئ ولا في الخيال برنامج يركب على جهاز الكمبيوتر ويصبح ناطق وقارئ لما في الشاشة ، وبرنامج آخر يركب على جهاز الجوال ويصبح ناطق وقارئ لما في الشاشة ، بالنسبة لي لا تصدقوا مدى الفرحة والسعادة ، وكالعادة وفجأة تحطم الحلم ، عند إتصالي بالمركز وبلغني الموظف هناك بأن الدورة تكلف مع البرنامج خمسة عشر الف ريال سعودي بدون جهاز الكمبيوتر ، سد نفسي حتى لمجرد التعرف عليه ، أستمرت الأيام مرها وحلوها ، وكان أخو زوجتي يعمل بجمعية الأطفال المعاقين بالرياض ، أتصل علي وأخبرني بوجود جمعية تقدم خدمات للمعاقين بصرياً ، أخذت الرقم منه ، طلع نفس الرقم اللي كان عندي للمركز ، المهم أتصلت على الجمعية وفهمت منهم بأنهم تم لهم تحويلها من مركز إلى جمعية ، الذي تغير هو الاسم ، ، اما البرنامج سيضل حلم ، تدربت عند أستاذي وصديقي وأخي والإنسان ” هشام حميدة ” ، بعد فترة تم لي فرصة للتعرف على صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل آل سعود حفظه الله ، وأصبح عضو بالجمعية من طرفي ولي الشرف ، أهداني سمو الأمير جهاز كمبيوتر محمول وبرنامج ناطق ، وبعد فترة جاءت الإنتخابات القروية ، وقدمت اقتراح لمدير الجمعية بأن أذهب للمنتخبين في برامجهم الانتخابية ودمج توعية المجتمع بحقوق المعاقين ضمن برامجهم الإنتخابية باسم الجمعية ، رحب بالفكرة كثير وأعجب بها ، وبدأت رحلتي مع النُخاب المرشحين في اقناعهم بالأمر ، تم لي ذلك وكان هناك حضور لمدير الجمعية وتكرم مدير الجمعية بدرع وشهادة ودعم مادي بمبلغ بشيك من الناخب وأصبح هذا الناخب عضو بالجمعية أيضاً، وعند رغبتي بتكملة المشوار ، فوجئت بسرقة منزلي وذهب حلمي الجهاز والبرنامج حيث كان البرنامج يعمل مع دنقل ” أداة حماية ” مركب في الجهاز ذهب هو أيضاً ، أتصلت بمدير الجمعية وأخبرته بالأمر ، وكانت الصاعقة بقولة يعوضك ربي وبس !!!
انتهى الأمر عندي وتوقفت عن إكمال المشوار ، بسبب الإحباط ولكون ليس عندي ما يقنع ويبهر المجتمع ، وهو البرنامج الناطق والكمبيوتر ، ولم يعرِض علي حتى استعارة من الجمعية ، لم يؤثر ذلك في علاقتي مع الجمعية لكون الهدف عندي خدمة وتوعية المعاقين بالتقنيات والتدريب عليها خصوصاً لقلة وندرة المعرفة بهذه الأمور ، ورغبة مني لتقديمها لذات الفئة ، وبأن رزقني ربي بالإبداع فيها كما يقول من هم حولي ، اما أنا فأرا أن هناك الكثير أفضل مني قد اتميز فقط بروح خدمة الآخرين ولا أملل من ذلك ولله الحمد ، ثم خرج علينا نظام جديد اسمه شراء البرنامج بالإيجار المنتهي بالتمليك ، يصبح قيمة البرنامج أكثر من ضعفين لكن لم يكن هناك خيار ، حينما تجرب وتمتلك شئ تحبه ثم يُفقَد منك تصبح في حلقة مفرغة ، وسوف يضيع الهدف الذي أحببته ، تقدمت وأشتريته بنظام الإيجار ، وهنا كان الخطأ ، عدم تعريف المعاق بأنواع التقنيات والوسائل التعويضية المختلفة و ترك له القرار ، لم يكن الكثير يعرف بوجود تقنيات مختلفة ومتنوعة وكأن الأمر تجاري بَحت ، بدأت الأمور عندي تزيد وهجاً وأبحث عن ما يفيد المعاق بصرياً وغير معروف ، وجدت أن هناك بطاقة الفرسان الخاصة بالخطوط الجوية السعودية ، تعطى للمعاقين بطريقة أسهل وميزات أجمل ، فتم لي الاتفاق مع مدير إدارة الاحتياجات الخاصة بالخطوط السعودية وصممت نموذج وتم تداولة وحصل مجموعة كبيرة لهذه البطاقة والأمر مفتوح إلى الآن ، ظهرت هناك جمعية بالقصيم وتملك بداية قوية بتحقيق حلم المعاق بصرياً في أمتلاك البرنامج الناطق وجهاز كمبيوتر محمول والتدريب عليه ، بدأت في مراسلتها وتقديم خبراتي في مجال التدريب والاقتراحات وفتح الافاق كما كان دوري مع الجمعية السابقة ، تم للجمعية الأخيرة وفوراً منْحِي برنامج ناطق بتقنية مختلفة هي الأفضل ، تدربت عليها بمساعدة زوجتي حفظها الله وعن طريق قراءة التعليمات الخاص بالبرنامج ، في غضون سنة أصبحت مدرب ومستشار وأقدم خدمة دعم فني ، ولله الحمد ، قمت بتدريب مجموعات من المعاقين والأمر ما زال مستمر ، وبحثت عن الجهات التي تخص المعاقين بصرياً مثل المدارس والجامعة التي في مدينتي بجدة ، بعد أخذ جولة ميدانية عليها والتعريف بتقنيات المكفوفين وطريقة إقتنائها ، عرضت عليهم خدماتي ، وتم إنشاء مكتبة في جامعة الملك عبدالعزيز قسم ذوات الاحتياجات الخاصة ، وفي أوقات أكتفي بالتعريف وفتح أفاق لهذه الجهات بأسلوب خدمة المعاقين وأترك الأمر والقرار لهم ، لكوني اعمل بمجهود فردي ، تم اعتمادي من قبل شركة الناطق كمدرب معتمد لمنتجاتهم ، وكذلك مدرب معتمد من جمعية العوق البصري الخيرية ببريدة واتشرف بذلك ولهم شكري وامتناني لهذه الثقة ، كما تم لي مؤخراً الاتصال بجمعية المكفوفين بالرياض وجاري التنسيق معهم أيضاً ، لا تقدّروا مدى سعادتي حينما أرى الحماس في المتدربين للتعلم على الكمبيوتر ، ويسعدني كثير اتصالهم بي للدعم الفني ، أصبحت خدمات الدعم الفني التي أُقدمها للمكفوفين والمختصين والمدارس والجامعات ، تصل لمناطق مختلفة وواسعة من المملكة ، أستخدم فيها برامج المحادثة ، أو رسائل البريد الالكتروني ، وكذلك عن طريق الاتصال المباشر بجوالي ، حاولت أجد داعم مادي من المؤسسات ، فوجدت أن ثقافة خدمة المعاقين محصورة في حصول لهم ثلاث وجبات في اليوم ويكفيهم كذا ، وهذا الأمر في معظم الدول العربية ، بحكم علاقاتي بمعاقين فيها ، قد تتفاوت الخدمات بين دولة وأخرى ، لكن في النهاية لا تستطيع مقارنتها بالدول الغربية وتقدمها في هذا المجال ، وقد كتبت في الصحف المحلية على لساني ، وتكلمت في بعض القنوات الفضائية في هذا الخصوص ، خدمة المكفوفين هي توجهة جديد في العالم العربي وعندي أمل كبير في قيام مشاريع تخدم هذه الفئة وتخفف العبء على كاهن مؤسساتنا الحكومية التي لم تزال تقدم أفضل الخدمات لنا ، وأنادي هنا مساهمة القطاع الخاص ، قررت إنشاء مركز لتدريب المعاقين عبر الإنترنت فكانت فكرة منتدى مقيدة بأعضاء ومشرفين ومتابعات سوف ترهقني عن تحقيق هدفي في الوصول لشخص أو مؤسسة تدعمني في إنشاء المركز ، وكذلك هدف تعريف المجتمع بجميع طبقاته وفئاته بهذه الفئة الغالية ومعاناتها ، من هنا جاءت فكرة إنشاء مدونة ، لكون التدوين ليس وظيفة بل هو تاريخ وحضارة ، وهدف ورسالة ، ، دون الانسان في بداية حياته على الحجر والجبل ، وعلى الكهف والشجر ، ووصل إلى جلود الغنم والبقر ، وبعضهم احتفظ بالتدوين في عقلة حتى جاء الورق والقلم ، فلولا التدوين لم يصلنا أخبار عصور ماتت وتاريخ قضي ولم يبقى إلا ما دون فيه من تدوينات مكتوبة بأشكال مختلفة ، فأنا أهيب بكل معاق بصري أن يكون له مملكتة الخاصة به ، فكلنا لدينا أهداف ورسالة نريد إيصالها ، وأطمح أن يتحقق حلم إنشاء مراكز تدريب للمعاقين بصرياً على الكمبيوتر ، متفرقة في كل مدينة وهجرة من المدن والهجر العربية ، وليس لتدريب المعاقين فقط ، بل لتأهيل وتجهيز كوادر ومدربين ومدربات وتنسيق مع باقي المؤسسات للتعريف بحقوق المعاق والطريقة المثلى للتعامل معة لكونه معاق وتوفير له التسهيلات في الاجراءات في حدود حفظ خصوصيتة .
واما هوايتي تثير عجب البعض ، فهوايتي اكتشاف الكمبيوتر وضع مشاكل وحلها ، لا اعرف برايل أحب تقنيات النطق في الكمبيوتر والجوال ، أحب العمل التطوعي المنظم الغير مرهق ، ويكون فيه خدمة مباشرة للمعاق ، ولي مشاركات كثيرة في مجال العمل التطوعي ولا أحب الكلام عنه حتى لا أغتر وآثم ، ولا انسى هنا أخي الاصغر الداعم لي والمبدع والمصمم للمدونة فهو يملك مؤسسة لتصميم واستضافة المواقع جزاه الله كل خير ، وكذلك أضيف أمر ،، وهو كون الكفيف من المهد حتى اللحد لا يرى ، أهون مِن مَن فقد حبيبتيه ، بعد ما كان مبصر .
وأخيراً أدعُوا جميع أخواني المعاقين بصرياً من العرب ، وأقول لهم حكوماتنا أحرص علينا من أنفسنا ، في حال تصل صوتك لهم .
مركز قطر الثقافي يكتب عن ذات الموضوع في صفحتة – شخصيات مميزة
روابط ذات صلة :
السيرة الذاتية

مدربات ومدربين

مركز التدريب


اقرأ أيضاً :